برزت قصص الأشباح وحكايات الأرواح التي تعود من الموت لتطارد الأماكن التي تركوها وراءهم منذ العصور القديمة بشكل كبير في التراث الشعبي الخاص بالعديد من الثقافات حول العالم. وتتضمن مجموعة فرعية غنية من هذه الحكايات شخصيات تاريخية مختلفة تتراوح من الملكات والسياسيين إلى الكتاب ورجال العصابات، الذين توفي الكثير منهم في وقت مبكر أو بصورة عنيفة أو في ظروف غامضة. 

ما هو الشبح؟

يعتمد مفهوم كلمة الشبح، المعروف أيضا باسم الطيف، على المعتقد القديم الذي يقول بأن روح الشخص موجودة بشكل منفصل عن جسده، وقد تستمر في الوجود بعد وفاة هذا الشخص. وبسبب هذا المعتقد، بدأت العديد من المجتمعات في استخدام الطقوس الجنائزية كوسيلة لضمان عدم عودة روح الشخص المتوفي إلى "مطاردة" الأحياء.

هل تعلم؟ أنه يقال إن رجل العصابات سيئ السمعة آل كابوني قد ظهر للزوار الذين أهانوا مراسم جنازته في مقبرة إيلينوي. وقد سُمعت موسيقى آلة البانجو الطيفية قادمة من داخل زنزانة كابوني القديمة في سجن جزيرة ألكاتراز، حيث كان من أوائل السجناء بها.

عادةً ما يعتقد أن الأماكن المسكونة مرتبطة ببعض الأحداث أو المشاعر التي تكمن في ماضي الشبح، وغالباً ما تكون تلك الأماكن المنازل السابقة التي كانول يسكنونها أو الأماكن التي توفي فيها هؤلاء الأشباح.

تتراوح الدلائل التي تروى عن وجود الأرواح، بصرف النظر عن الظهور الفعلي للأشباح، بين أصوات ضوضاء غريبة أو أضواء أو روائح أو تيارات هوائية خفيفة أو إزاحة للأشياء الساكنة أو أجراس ترن من تلقاء نفسها أو آلات موسيقية تعزف من تلقاء نفسها.

 

المشاهدات الأولى للأشباح

سجل القاضي والكاتب الروماني العظيم بلينيوس الأصغر في القرن الأول الميلادي واحدة من أولى قصص الأشباح المشهورة في رسائله، والتي اشتهرت بروايتها الحية للحياة خلال ذروة الإمبراطورية الرومانية. وذكر بلينيوس أن شبح رجل عجوز ذو لحية طويلة وأصوات قعقعة السلاسل المربوط بها هذا الشبح، كان يطارد منزله الكائن في أثينا. كما كتب الكاتب اليوناني لوسيان وزميل بلينيوس الروماني بلاوتوس قصص أشباح بارزة لا تنسى.

وبعد مرور عدة قرون وبالتحديد في عام 856 م، تم الإبلاغ عن أول روح شريرة أو شبح يسبب اضطرابات مادية مثل الضوضاء العالية أو سقوط الأشياء أو رميها، وذلك في مزرعة في ألمانيا. فقد عذبت هذه الروح الشريرة الأسرة التي عاشت هناك من خلال إلقاء الحجارة وإشعال النيران في المنزل وغيرها من الأمور الأخرى.

 

ثلاثة أشباح تاريخية شهيرة

تعود واحدة من أكثر مشاهدات الأشباح التي تم الإبلاغ عنها في إنجلترا إلى القرن السادس عشر الميلادي. أعدمت أُعدم آن بولين، الزوجة الثانية للملك هنري الثامن وأم الملكة إليزابيث الأولى، في برج لندن في مايو من العام 1536 بعد اتهامها بالسحر والخيانة والزنا. وقد تم الإبلاغ عن مشاهدة شبح آن بولين في البرج وكذلك في مواقع أخرى مختلفة، بما في ذلك منزل طفولتها، قلعة هيفر، الكائن في مقاطعة كنت.

يبدأ تقليد أميركا الغني بالأشباح التاريخية بأحد أكثر الآباء المؤسسين لمعانا وهو: بنجامين فرانكلين. أفادت بعض التقارير أن شبح بنجامين فرانكلين شوهد في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي بالقرب من مكتبة الجمعية الفلسفية الأمريكية في فيلادلفيا بولاية بنسلفانيا، حيث شوهد أن التمثال الخاص ببنجامين فرانكلين كان ينبض بالحياة ويرقص في الشوارع أمام العامة.

على الرغم من عمليات الإبلاغ العديدة التي أفادت وجود أشباح في البيت الأبيض في واشنطن العاصمة، على مر السنوات، إلا أن ربما لم يظهر شبح أي شخصية سياسية بشكل متكرر في البيت الأبيض مثل أبراهام لينكولن، الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الأمريكية، الذي قُتل في محاولة اغتيال في أبريل من العام ١٨٦٥. ويقال إن لينكولن، الذي كان محاميا سابقا وعضوا في الكونغرس الأمريكي من ولاية إلينوي، شوهد وهو يتجول بالقرب من مبنى الكابيتول القديم في سبرينغفيلد، فضلا عن مكاتب المحاماة القريبة الخاصة به. أبلغ الجميع في البيت الأبيض، بدأً من السيدات الأوائل ومروراً إلي الملكات ورؤساء الوزراء، عن رؤية شبح أبراهام لينكولن أو الشعور بوجوده، لا سيما أثناء إدارة فرانكلين دي روزفلت، وهو رئيس آخر قاد البلاد خلال فترة الاضطراب الكبير و الحرب.

 

الأماكن المسكونة

يبدو أن بعض الأماكن تفسح المجال لظهور الأشباح، ربما بسبب الأحداث الدرامية أو المروعة التي حدثت في تلك الأماكن في الماضي. على مر القرون ، تم الإبلاغ عن مشاهد للجيوش الطيفية في ساحات القتال الشهيرة في جميع أنحاء العالم ، بما في ذلك مواقع المعارك المهمة من الحرب الأهلية الإنجليزية في القرن السابع عشر وميدان الحرب الأهلية الدموية في معركة غيتيسبيرغ ومواقع الحرب العالمية الأولى في جاليبولي (بالقرب من تركيا) ومعركة السوم (شمال فرنسا).

تُعد أيضاً السفينة "إتش إم إس كوين ماري"، وهي سفينة سياحية بنيت في عام 1936 من قبل شركة كونارد وايت ستار لاين، مركزاً نشطاً للأحداث الخارقة للطبيعة. فبعد الخدمة في البحرية الملكية البريطانية في الحرب العالمية الثانية، تقاعدت السفينة التي يبلغ وزنها 81000 طن في شاطئ لونغ بيتش، بولاية كاليفورنيا في عام 1967؛ وكانت الخطة تهدف إلى تحويلها إلى فندق ومنتجع فخم عائم. ومنذ أن تقرر ذلك، اشتهرت تلك السفينة بوجود أشباح على متنها، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 50 مشاهدة للأشباح على متنها على مر السنين. حيث أفاد آخر كبير مهندسي السفينة، جون سميث، عن سماعه أصواتًا غير مفسرة من المنطقة القريبة من الجزء الأمامي للسفينة، في نفس الموقع تقريبًا الذي شهد تصادم طراد الطائرات البريطاني، كوراكاو، بالسفينة وغرقه بعد حادث عرضي في زمن الحرب، والذي راح ضحيته أكثر من 300 بحار على متنها. كما ادعى سميث أيضًا أنه رأي شبح ونستون تشرشل أو على الأقل دخان السيجار الخاص به في غرفة رئيس الوزراء القديمة على متن السفينة. أفاد العديد من زوار سفينة كوين ماري برؤية طيف أحد أفراد الطاقم يرتدي ثيابًا زرقاء يمشي على أسطح السفينة. أفادت بعض التقارير أيضاً وجود بقع غامضة وأطياف لنساء يرتدين ملابس أو فساتين سباحة قديمة الطراز حول حوض السباحة بالسفينة بالإضافة إلى آثار أقدام مبللة تظهر بعد فترة طويلة من تجفيف حمام السباحة.

كما تُعد مدينة نيويورك من بين المدن الكبرى الغنية بشكل خاص بقصص الأشباح. شوهد شبح بيتر ستايفسانت، آخر حاكم استعماري هولندي للمدينة، وهو يتجول حول القرية الشرقية على ساقه الخشبية منذ فترة وجيزة بعد وفاته عام 1672. يُعتقد أن المؤلف مارك توين كان يطارد شبح ما علي درج مبنى شقته في القرية من قبل، كما يقال أن شبح الشاعر ديلان توماس كان يجلس أحيانًا علي طاولته المعتادة في حانة وايت هورس في ويست فيليدج والذي أعتاد أن يجلس عليها ويشرب 18 كوبًا من الويسكي الإسكتلندي في عام 1953. ربما يكون شبح نيويورك الأكثر شهرة هو آرون بور، الذي شغل منصب نائب الرئيس في عهد الرئيس توماس جيفرسون، لكنه اشتهر بقتل ألكسندر هاميلتون في مبارزة في عام 1804. يقال إن شبح آرون بور يتجول في شوارع حيه القديم وفي القرية الغربية أيضا. يقتصر نشاط شبح آرون بور بشكل خاص على مكان واحد وهو مطعم وان إف باي لاند تو إف باي سي الذي يقع في مبني شارع بارو والذي كان في يوم من الأيام المنزل المتنقل لبور.

تمت هذه الترجمة عن طريق مكتب الترجمة المعتمد فاست ترانس.

المصدر:HISTORY.COM EDITORS، تاريخ التحديث: 10 يونيو 2019، تاريخ النشر الأصلي: 29 أكتوبر 2009.