رغم انتهاء الحرب فعليًا على قطاع غزة، لا يزال الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس — الذي جاء برعاية أميركية — معلّقًا حتى الآن، وسط مخاوف متزايدة من تفاقم الوضع الإنساني مع دخول المنخفض الجوي إلى القطاع.

ورغم تطلع الفلسطينيين في غزة إلى إحراز تقدم سريع في إدخال المساعدات والبدء في إعادة الإعمار، يخشى كثيرون أن تؤدي النقاط العالقة بين حماس وتل أبيب إلى إطالة أمد المعاناة في القطاع المدمّر.

وتتّهم إسرائيل حركة حماس بالتباطؤ المتعمّد في تسليم جثمان آخر رهينة إسرائيلي داخل القطاع، وتستخدم هذا الملف لتشديد القيود على المعابر وتقليص إدخال المساعدات. في المقابل، تقول مصادر في غزة قريبة من الحركة إن حماس تواجه "صعوبات ميدانية ولوجستية حقيقية" في العثور على الرفات داخل مناطق تعرضت لتدمير واسع، خصوصًا الأنفاق والمناطق الحدودية.

ويرى سكان القطاع، العالقون بين ركام الدمار شبه الكامل، أن تأخر استئناف المفاوضات ينعكس مباشرة على حياتهم اليومية، إذ لم تُحدث المرحلة الحالية من الاتفاق أي انفراجة ملموسة بعد. فالمساعدات لا تزال محدودة، وشحنات الغذاء والدواء والوقود تتأخر عن الوصول، ما يجعل القطاع عاجزًا عن بدء عملية التعافي الأولية بعد عامين من الحرب.

ويؤكد تجار ومسؤولون محليون أن الجمود في المفاوضات يحرم السكان من الخطوة الأكثر إلحاحًا: إدخال كميات موسعة من الإمدادات الإنسانية وزيادة عدد الشاحنات، إلى جانب تفعيل برامج الإيواء الطارئة وإطلاق خطة أولية لإعادة البناء. وتشير التقديرات إلى أن عشرات الشاحنات لا تزال عالقة عند المعابر في انتظار الموافقات الإسرائيلية، فيما يعاني القطاع نقصًا حادًا في الوقود والمستلزمات الطبية.

وقال متحدث باسم الأونروا إن القيود المفروضة على دخول المساعدات "تبقي سكان غزة عالقين في دائرة الاعتماد على الإمدادات الخارجية، وتحرمهم من القدرة على تأمين احتياجاتهم الأساسية"، موضحًا أن وكالات الإغاثة لا تزال تنتظر السماح بدخول شحنات محمّلة بمواد غذائية وطبية عاجلة.

ويرى محللون أن إسرائيل تستغل أي فراغ تفاوضي لفرض وقائع جديدة على الأرض، سواء عبر تعزيز وجودها العسكري في مناطق محددة أو من خلال تشديد الضغط الاقتصادي على سكان القطاع. في المقابل، تواجه حماس انتقادات متزايدة من الشارع المحلي الذي يرى أن استمرار التأخير يطيل أمد الحصار ويعرقل تخفيف القيود التي وُعد بها السكان.

ورغم الجهود المكثفة من الوسطاء لتثبيت الهدنة وضمان الانتقال السلس إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، فإن انعدام الثقة بين الجانبين يجعل جميع التفاهمات عرضة للانهيار، وسط تحذيرات من شتاء قاسٍ قد يواجهه الفلسطينيون في غزة في ظل غياب الوقود والدواء والمستلزمات الصحية الأساسية.