كثّفت الشرطة الإسرائيلية في القدس الشرقية المحتلة من تواجدها بالتزامن مع اقتراب موعد عيد الحانوكاه اليهودي، الذي يبدأ الأحد المقبل ويستمر ثمانية أيام.
وقالت وسائل إعلام عبرية إنه من المنتظر ألّا يتم السماح بزيارات جماعية لجماعات "الهيكل" المتطرفة إلى باحات المسجد الأقصى، وذلك لتجنب توتير الأوضاع في المدينة.

وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الأخيرة منشورات حول نوايا جماعات يهودية متطرفة تنفيذ اقتحامات واسعة لباحات المسجد الأقصى تزامنًا مع اقتراب الأعياد اليهودية الأسبوع المقبل. غير أن مصادر مسؤولة داخل المسجد تؤكد أن هذه المعلومات مبالغ فيها، وأنه لا توجد أي مؤشرات على ترتيبات استثنائية من الشرطة الإسرائيلية خلال الأسبوعين المقبلين.

وأوضح أحد موظفي المسجد الأقصى أن المعطيات المتوفرة لدى دائرة الأوقاف لا تشير إلى وجود أي "اقتحام منظم أو واسع النطاق" خلال الفترة المقبلة، مؤكدًا أن الصلوات ستستمر بصورة طبيعية في رحاب المسجد الأقصى المبارك.
وأضاف: "حتى اللحظة، لا نتوقع خرقًا كبيرًا للوضع القائم. وإذا حدث أي طارئ سنعالجه فورًا. ندعو الجميع إلى الحضور لأداء الصلاة كالمعتاد، رغم الشائعات والطقس الشتوي المتوقع هذا الأسبوع".

شائعات متجددة وسياق سياسي حساس

وتأتي هذه الشائعات في سياق أوسع شهد في السابق تضخيمًا إعلاميًا لتحركات مجموعات "الهيكل" اليمينية، التي دأبت على الدعوة إلى تغيير الوضع الديني والتاريخي في المسجد الأقصى. إلا أن الوقائع على الأرض — وفق مسؤولين وخبراء — تشير في الغالب إلى أن ما يجري يبقى ضمن النطاق المعتاد من الاقتحامات الفردية أو المحدودة، من دون تغيير فعلي في قواعد الدخول أو مواعيد الصلاة.

وحذّرت دائرة الأوقاف في القدس خلال الأعوام السابقة من الدعوات التي تطلقها مجموعات متطرفة لاستغلال الأعياد اليهودية للضغط باتجاه فرض طقوس دينية داخل المسجد، إلا أن هذه المخاوف لم تتحول — في معظم الحالات — إلى وقائع ميدانية، نتيجة الرقابة الإدارية في المسجد، والضغط الأردني الرسمي، وحسابات الحكومة الإسرائيلية التي تدرك حساسية المساس بالوضع القائم.

وعلى الرغم من التشديدات الأمنية التي تعيشها القدس الشرقية المحتلة منذ الحرب الأخيرة على غزة، حافظ الفلسطينيون على حضورهم في المسجد الأقصى، وشارك الآلاف في صلاة الجمعة خلال الأسابيع الماضية رغم الإجراءات المشددة التي تفرضها الشرطة الإسرائيلية على مداخل القدس والبلدة القديمة.
وتقدّر دائرة الأوقاف الإسلامية أن أعداد المشاركين في الصلوات، خاصة صلاة الجمعة، بقيت مرتفعة بالرغم من التضييقات الأمنية، ما يعكس — بحسب مراقبين — تصميم المقدسيين على حماية حقهم في الصلاة في المسجد الأقصى، الذي يعد أحد أكثر الأماكن قدسية لدى المسلمين.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة أن المشهد الحالي لا يوحي بوجود رغبة إسرائيلية في تغيير الوضع القائم بشكل مباشر، رغم التصريحات المستفزة للأحزاب اليمينية المتطرفة، نظرًا لما قد يترتب على ذلك من توترات محلية وإقليمية. وأضاف أن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، بما في ذلك الحكومة الحالية التي توصف بأنها الأكثر تطرفًا، تدرك أن أي تغيير في قواعد الأقصى سيُعتبر استفزازًا قد يشعل المنطقة بأكملها.

كما سبق لمدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، عزام الخطيب، أن استبعد في تصريحات سابقة إمكانية تنفيذ طقوس دينية يهودية داخل المسجد، مثل إدخال "قربان الفصح"، مؤكدًا أن الوجود المكثف للمصلين والضغوط الأردنية والفلسطينية يجعل تنفيذ مثل هذه الدعوات أمرًا غير قابل للتحقق.