تدخل الاشتباكات العسكرية بين الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة والجيش الإسرائيلي يومها الثالث على التوالي وسط حصيلة ضخمة من القتلى والاصابات من الجانبين وعدم وجود أي بوادر لوقف التصعيد الدائر بين الجانبين.

ورغم حالة النشوى التي عاشها الفلسطينيون خلال الساعات الأولى للعملية العسكرية التي شنتها حماس والتي أظهرت نقاط الضعف الفادحة للجيش الإسرائيلي الا أن اعلان إسرائيل تعميم حالة الحرب في ربوع البلاد والتهديد بإعادة قطاع غزة عشرات السنوات الى الوراء جعل العديد من التساؤلات تطرح وماذا بعد نشوى الانتصار؟!!!

لا يختلف اثنان ان القدرات العسكرية للجيش الإسرائيلي المدعوم من واشنطن لا تقارن بأي وجه من الوجوه بقدرات حركة حماس المحدودة لوجستيا وماليا ما يجعل الحديث عن سيناريو معركة عسكرية طويلة الأمد بين الجانبين أمرا مستبعدا.

ومما لا شك فيه فان حماس نجحت في تسجيل نقاط غير مسبوقة في المرمى الإسرائيلي لكن ماذا أعدت حماس في الوقت ذاته للدفاع عن قطاع غزة وسكانه الذين سيقفون مرة أخرى في مواجهة الضربات الجوية الإسرائيلية وقطع الماء والكهرباء ومنع وصول المساعدات الطبية والغذائية؟

ويبدو من ردود الفعل الأولية أن الدور المصري الذي نجح في موجات التصعيد السابقة في تهدئة الأجواء والتسريع في تثبيت الهدنة بين الجانبين لا يحظى في الوقت الحالي بأي تجاوب من الجانب الإسرائيلي الذي سيعمل خلال الأيام المقبلة لاستعادة معادلة الردع ما يعني ضرورة أياما صعبة جدا على المواطنين في غزة.

وهذا وبحسب ما يتم تناقله على مواقع إعلامية عبرية فان الاصوات تتعالى داخل إسرائيل للاستعداد لعملية برية ضخمة في القطاع قد تنتهي باحتلاله مرة أخرى بعد مرور زهاء 18 سنة من الانسحاب الإسرائيلي وتسليم مفاتيح إدارة غزة للسلطة الفلسطينية قبل أن تنفذ حماس انقلابها الشهير.

كما يجب التنويه هنا أن حكومة نتنياهو ورغم الخسارة الكبرى التي منيت بها داخليا بعد توغل حماس في العمق الإسرائيلي الا أنها من جهة أخرى قد استعادت بفضل ما حدث من الدعم الدولي خاصة من واشنطن بعد توتر العلاقات بين الجانبين. خلال الأشهر الماضية.

ومن المتوقع أن يتسبب ما حصل ما تراجع كبير للملف الفلسطيني على الصعيد الدولي حيث ستسعى إسرائيل للترويج لروايتها المتمثلة في غياب شريك حقيقي للسلام في فلسطين وأنها في حالة دفاع عن النفس ما سيعني مستقبلا مزيدا من الاستيطان.

يبدو أن تاريخ الصراع في غزة سيدخل منعرجا جديدا فموجة التصعيد الحالية مختلفة عن مثيلاتها من حيث حجم الخسائر والأهداف المرحلية للجانبين فإسرائيل لم تعد تبحث عن هدنة مع حماس، بل ستعمل على القضاء عليها دون النظر لثمن ذلك على المدنيين بعد الحصول على الضوء الأخضر الأمريكي أما حماس فقد نجحت في فرض معادلة جديدة لإدارة الصراع بفضل العدد الهائل من الأسرى الإسرائيليين.

 هذه المقالة تعبّر عن رأي صاحبها ولا تعكس بالضّرورة مواقف الإدارة المشرفة على الشّبكة التي تتحلّى بأقصى درجات الحياديّة