تشهد محافظات الضفة الغربية ولا سيما مخيماتها الشمالية، توترا هو الأشد منذ أشهر طويلة، وسط تصعيد ميداني متواصل نفذته القوات الإسرائيلي، شمل اعتقالات واسعة، وملاحقة مسلحة، إضافة إلى سلسلة عمليات اغتيال طالت ناشطين في شمال الضفة.

هذا التصعيد، الذي جاء بينما ينشغل العالم بمتابعة تطورات اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، أثار حالة قلق عميقة بين الفلسطينيين في الضفة، الذين يقولون إن الوضع الأمني "عاد إلى أسوأ ما كان عليه قبل عامين"، وإن وتيرة الاقتحامات غير المسبوقة تهدد بفتح فصل جديد من التوتر والانفجار.

وفي طولكرم ونابلس، أصدرت القوات الإسرائيلية أوامر بإخلاء عدد من المنازل بحجة تنامي أنشطة الفصائل المسلحة. ووفق روايات سكان محليين، اقتحمت القوات أحياء سكنية مكتظة، ووجهت أوامر شفوية وكتابية للعائلات لمغادرة منازلها خلال ساعات محدودة، وسط انتشار عسكري واسع وعمليات تفتيش دقيقة، خصوصًا في مخيم نور شمس قرب طولكرم.

وقال شهود عيان إن عمليات الإخلاء ترافقت مع حملات اعتقال ليلية، ومداهمات استمرت حتى ساعات الفجر، ما زاد من مخاوف السكان الذين يعتبرون هذه الإجراءات "عقابًا جماعيًا يضغط على البيئة المدنية ويمهد لعمليات عسكرية أوسع".

قلق يتصاعد… وتخوّف من الأسوأ

ويرى محللون أن طبيعة العمليات الأخيرة — خصوصًا استخدام الطائرات واستهداف البنى السكنية— تعكس اتجاهًا نحو "مرحلة أشد خشونة" في الضفة، في وقت يطالب فيه السكان بوقف الاعتداءات وعودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل عامين، قبل أن تنحدر الأوضاع إلى مستوى أكثر خطورة.

في المقابل، تواصل الفصائل المسلحة في بعض المناطق نشاطها المحدود، ما يدفع الجيش الإسرائيلي إلى توسيع عملياته، وفق ما تصفه القيادة العسكرية بأنه "ضرب للبنى التحتية للمسلحين".

ومع غياب أفق سياسي واضح، يخشى الفلسطينيون في الضفة من أن تتحول هذه الموجة من العمليات إلى نمط مستمر، يفتح الباب أمام مزيد من التهجير والمواجهات، في ظل واقع سياسي وأمني شديد الهشاشة.

تحذيرات أممية من موجة تهجير جديدة

وفي ظل توسّع العمليات الميدانية، حذّر مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من "تسارع وتيرة التهجير القسري والاستيلاء على الأراضي" في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وقال المكتب إن الأشهر الماضية شهدت ارتفاعًا لافتًا في عمليات الهدم ومصادرة الممتلكات، وفرض قيود مشددة على الحركة داخل مناطق مثل مسافر يطا جنوب الخليل، في خطوة يقول حقوقيون إنها تهدف لدفع السكان إلى مغادرة أراضيهم.

ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، تم تهجير أكثر من 6,400 فلسطيني قسرًا منذ أكتوبر 2023 نتيجة هدم منازلهم، فيما أدت العمليات العسكرية في شمال الضفة إلى نزوح ما يقارب 40 ألفًا من مخيمات جنين وطولكرم خلال العام الجاري، وسط غياب أي ضمانات لعدم تكرار موجات النزوح.