انضمّت بريطانيا إلى كلّ من الولايات المتحدة الأمريكية، والاتحاد الأوروبي في تصنيف حركة حماس منظمةً إرهابيةً، بشقّيها العسكري والسياسي.

وفي العشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أعلنت وزيرة الداخلية البريطانية، بريتي باتيل، عن قرارها بحظر منظمة حماس بشكلٍ كاملٍ. وبعد أسبوع، أصبح إدراج حماس في قائمة المنظمات الإرهابية المحظورة في بريطانيا، رسميًا، بعد موافقة البرلمان البريطاني، على ذلك.

جاء هذا القرار بعد عشر سنواتٍ من حظر الشقّ العسكري لحركة حماس، في بريطانيا، بسبب ما اعتبره محللون سياسيون، ضغطًا من الحكومة الإسرائيلية، خوفًا من وصول التكنولوجيا الإيرانية إلى حماس، وأسباب أخرى.

ورأى المحللون أنّ القرار البريطاني ستكون له تداعياتٌ عديدةٌ، على بريطانيا، كما على إسرائيل، وكذلك على الجهود الحمساوية لتحصيل اعتراف دولي بها كأحد الفاعلين السياسيين في المشهد الفلسطيني.

فكيف تفاعل الفلسطينيون، بمختلف توجّهاتهم مع القرار البريطاني.وهل يمثّل ضربةً لتنظيم الإخوان؟. 

 

 ضربةٌ قويّةٌ للإخوان والإسلام السياسي

 

اعتبر رئيس المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، جاسم محمد، القرار البريطاني بتصنيف حماس منظمةً إرهابيةً "ضربةً قوية للإخوان وللإسلام السياسي في بريطانيا، لأنها ستحمل في تداعياتها تضييق وتشديد الخناق بشكلٍ كبيرٍ على الإسلام السياسي بكل أنواعه".

وأضاف في تصريحِ لـ"سكاي نيوز عربية"، أنّ "القرار يتماشى مع حالة التأهب وتشديد الحكومة لسياساتها الأمنية، لاسيما بعد الهجمات الأخيرة التي تعرضت لها"، مبيّنًا أنّ تمّ حظر 78 كيانًا تعمل على الأراضي البريطانية، قبل حظر حركة حماس.

واستبعد إقدام الحكومة البريطانية على "حظر تنظيم الإخوان على أراضيها في الوقت الحالي"، قبل أن يؤكد، أنّ "الحظر سيكون خطوةً، ريما غير اعتياديةٍ، وتظلّ كافة الخيارات مفتوحة".

أما عن الأسباب التي جعلت بريطانيا تصنّف حركة حماس "منظمةً إرهابيةً"، أشار جسام محمد، إلى أنّ "التوجّهات البريطانية بحظر الحركة ضمن سياسةٍ جديدةٍ بعد الخروج رسميًا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وتقاربها مع الولايات المتحدة، وفي إطار تعميق العلاقات السياسية والدبلوماسية بشكلٍ أوسع من السابق مع إسرائيل، أيضًا".

من جانبه، أكد الخبير في الشؤون البريطانية، أحمد عجاج، أنه "من وجهة النظر البريطانية، لا علاقة لحماس بمنظمة الإخوان".

وأوضح لـ"سكاي نيوز عربية" أنّ حكومة ديفيد كامرون، خلال مراجعتها، لم تعتبر جماعة الإخوان إرهابيةً، بالرغم من أنّ "بعض الأطراف فيها يحملون فكرًا متشددًا، لكن التنظيم لا تنطبق عليه صفة الإرهاب".

ورأى أنّ القرار الخاص بحركة حماس كان بسبب الضغط الإسرائيلي، حيث كشف وزير خارجية إسرائيل، يائير لابيد، بأنّ القرار "ثمرة جهودٍ قويةٍ بين بريطانيا وإسرائيل".

وأضاف أنّ حكومة بوريس جونسون، تضمّ وزراء يؤيدون إسرائيل، و"لا يخفون ذلك"، وكانت بريطانيا سبق أن صنّفت الجناح العسكري لحركة حماس حركةً إرهابيةً منذ 2001، وكذلك فعلت مع حزب الله اللبناني.

وشدّد الخبير في الشأن البريطاني، على أنّ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعلها تكون أقرب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، التي كانت صنّفت حركة حماس منظمةً إرهابيةً منذ العام 1997.

وقال الكاتب الصحفي، خير الله خير الله: "لماذا صارت حماس إرهابيةً الآن، وليس منذ بدأت نشاطها؟، هل هذا عائدٌ إلى اكتشاف بريطانيا، وقبلها الإدارة الأمريكية، ما كان معروفًا منذ فترةٍ طويلةٍ، أي أنّ حماس مجرد أداةٍ إيرانيةٍ، وأنها باتت تشكّل ورقةً في لعبةٍ كبيرةٍ لدى الجمهورية الإسلامية؟".

وأضاف في "العرب" اللندنية، أنّ حركة حماس"باتت تحت السيطرة الإيرانية، أكثر من أيّ وقتٍ، وتثير مثل هذه السيطرة مخاوفَ من انتقال تكنولوجيا الصواريخ الدقيقة، والطائرات المسيّرة الإيرانية إلى قطاع غزة".

وقال: "يبدو ذلك السّبب الحقيقيّ للقرار البريطاني النّابع من إدراكٍ تامٍّ لخطورة أيّ حربٍ جديدةٍ بين إسرائيل وغزة، لأنّ الصواريخ الإيرانية والطائرات المسيّرة ستؤذي إسرائيل، من دون أدنى شكٍّ".

وأشار خير الله إلى وجود احتمالٍ كبيرٍ في أن يكون القرارُ البريطانيُّ "دليلًا على تغييرٍ في السّياسة الأمريكية التي بدأت تنظر بقلقٍ شديدٍ إلى الصّواريخ والطائرات المسيّرة الإيرانية، وطرق استخدامها، أكان ذلك في العراق، أم في اليمن".


فشل سياسي جديد لحماس على المستوى الدولي

وصف محللون سياسيين القرار البريطاني بالضربة القاسمة لنشاط حماس على الصعيد الدولي وفشلا سياسيا جديدا للحركة التي تواجه تحديات كبرى لتحصيل اعتراف دولي بها.

ووفقا لصحيفة "الغارديان" The Guardian البريطانية فان أنصار حماس قد يواجهون أحكاما بالسجن تصل إلى إلى ما يزيد عن 14 عاما بموجب القرار الذي ستعلنه باتيل لاحقا.

واعتبر عنصر مسؤول من حماس أن قيادة الحركة مطالبة بتحمل مسؤوليتها التاريخية والتحرك للدفع باتجاه مراجعة بريطانيا لهذا القرار تجنبا لتصنيف دول جديدة للشق العسكري لحماس كفصيل إرهابي.

وتحظى حماس على الصعيد الدولي بدعم خاص من أنقرة وطهران الا أن هذا الدعم بدأ في التقلص تدريجيا خلال السنوات الماضية بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية التي فرضتها أزمة كورونا الى جانب الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة الأمريكية على تركيا بشكل خاص.


انتقادات فلسطينيّة للقرار البريطاني

أكدت الخارجية الفلسطينية، أنّ الحكومة البريطانية، بقرارها، هذا "وضعت العراقيل أمام فرص تحقيق السّلام والعقبات في طريق الجهود المبذولة لتثبيت التهدئة وإعادة إعمار قطاع غزة".

وجاء القرار البريطاني بعد أسبوعٍ من دعوة رئيس الحكومة الإسرائيلية، نفتالي بينيت، لنظيره البريطاني، بوريس جونسون، وضع حركة حماس على لائحة الإرهاب، خلال لقائهما على هامش قمة المناخ بغلاسكو.

ودعا الفلسطينيون البريطانيين إلى "التوقّف عن سياسة الكيل بمكياليْن، والازدواجية في المعايير، والتراجع الفوري عن هذا القرار"، واعتبروا أنّ ذلك سيؤثر على الدور التقليدي لبريطانيا في المنطقة، وسيقلّص من مساهمتها في أيّ "عمليةٍ سياسيةٍ محتملةٍ".  

واعتبرت حماس القرار البريطاني "انحيازًا لإسرائيل، ومخالفةً للشرعية الدولية التي تكفل مقاومة الاحتلال"، وطالبت البريطانيين بالتوقف عن "الارتهان للرواية، والمشروع الإسرائيلي"، و"الإسراع للتكفير عن خطيئتها بحق الشعب الفلسطيني في وعد بلفور، بدعم نضاله من أجل الحرية والاستقلال والعودة".

وحذّرت الفصائل الفلسطينية من تداعيات قرار تنصيف حركة حماس "منظمةً إرهابيةً"، وأعلنت عن تنظيم مؤتمرٍ وطنيٍّ ضدّ بريطانيا والقرار الذي اتخذته.

واعتبر عضو حركة فتح، عماد الآغا، في مؤتمرٍ صحفيٍّ، للفصائل الفلسطينية، حركة حماس "جزءًا أصيلًا من النسيج الفلسطيني، ومكوّنًا أساسيًا من مكونات العمل الوطني التحرري للشعب الفلسطيني، ولن يسمح الشعب الفلسطيني لأيّ جهةٍ كانت بالمساس بأحد مكوناته".

ويعاقب القانون البريطاني للإرهاب، "من ينتمي إلى حماس، أو يروّج لها، بالسجن لمدةٍ يمكن أن تصل إلى 14 سنةً".

وفي تغريدةٍ لها على "توتير"، قالت وزيرة الداخلية البريطانية: "تمتلك حماس قدراتٍ إرهابيةً كبيرةً، بما في ذلك الوصول إلى ترسانةٍ واسعةٍ ومتطورةٍ، فضلًا عن معدّاتٍ إرهابيةٍ، لهذا أتحرك اليوم لحظر حماس بالكامل".

واعتبر وزير الخارجية الإسرائيلي، يائير لابيد، القرار "خطوةً في إطار توثيق العلاقات مع بريطانيا".

وأكد الباحث أحمد عجاج، أنّ الحكومة البريطانية تعرف جيدًا أنّ قرارها ضدّ حماس لن يلقى تنديدًا من الدول العربية، مشيرًا إلى أنّ الحركة "تتلقّى دعمًا عسكريًا، وماليًا من إيران، ولا تناصر القضايا العربية، ولا تدين طهران في تدخلاتها بشؤون المنطقة، بل تجاهر بتحالفها معها".

وأشار إلى أنّ لندن "تعلم جيدًا أنّ قرارها لن تلحقه تبعاتٌ مرهقةٌ إقليميًا ودوليًا"، وبالتالي "سيعود بالنفع عليها"، موضحًا أنّه "لم يعد الآن بإمكان المواطنين البريطانيين مناصرة حركة حماس، أو دعمها معنويًا، وماليًا".

 

 

خطوة للوراء في مفاوضات السّلام ؟

 

اعتبر "بيتر ريكيتس"، رئيس لجنة الاستخبارات المشتركة في عهد رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، تونير بلير، في مقابلةٍ مع "بي بي سي" إنّ "هذا الحظر لن يغيّر من السياسة الخارجية لبريطانيا، وأنّ حماس ينبغي أن تكون جزءًا من حلٍّ سياسيٍّ للصراع الإسرائيلي الفلسطيني". لكن ديفيد هيرست، يشير إلى أنّ "بيتر ريكيتس": "لم يتحدث عن أنّ البحث عن حلٍّ سياسيٍّ سيكون أكثر تعقيدًا بسبب هذا الحظر"، وهو ما "عبّرت عنه بصوتٍ مرتفعٍ ونبرةٍ واضحةٍ الفصائل الفلسطينية الأخرى، ليس أقلّها حركة فتح، التي تعترف بإسرائيل، وهو نفس التحذير الذي صدر عن أعضاء البرلمان في الأردن"، بحسب "هيرست"، الذي أكد أنّ رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، توني بلير، أعرب عن أسفه بعد أن أقصت بريطانيا والدول الغربية، حركة حماس عن طاولة المفاوضات، ودعّمت حصار إسرائيل لقطاع غزة، وذلك بعد سبع جولاتٍ من المفاوضات، عقدها بلير مع خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في 2015. وأضاف بأنّ بريطانيا كانت لها علاقةٌ غير رسميّةٍ مع الحركة.