سلط التفاعل الضعيف من الشارع اللبناني على إعلان الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، تحقيق انتصار كبير على إسرائيل الضوء مجددًا على تراجع شعبية الحزب في الداخل اللبناني وحتى داخل حاضنته الشيعية، التي تأثرت بشكل كبير نتيجة استهداف الاحتلال الإسرائيلي لقرى الجنوب.
وقال نعيم قاسم في أول تعليق متلفز بعد سريان اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان "قررت أن أعلن كنتيجة بشكل رسمي وواضح أننا أمام انتصار كبير يفوق الانتصار الذي حصل في يوليو/تموز 2006".
وتابع "انتصرنا لأننا منعنا العدو من تدمير حزب الله، انتصرنا لأننا منعناه من إنهاء المقاومة أو إضعافها إلى درجة لا تستطيع معه أن تتحرك".
في غضون ذلك، رحب اللبنانيون بشكل كبير بعودة الجيش اللبناني إلى الانتشار جنوبًا بشكل تدريجي مقابل انسحاب القوات الإسرائيلية ، وسط دعوات إلى فرض سلطة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية.
كما جدّد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي تأكيده، على ثقة الحكومة: «بالجيش وبدوره الوطني الجامع، وبالحكمة التي تتعاطى بها قيادته في هذه الظروف الصعبة؛ صوناً للمؤسسة العسكرية ودورها، ولإبعادها عن التجاذب السياسي».
وكانت إسرائيل قد استهدفت قبل أيام من الهدنة بشكل مكثف 25 هدفًا تابعًا لما أسمته "المجلس التنفيذي" لجماعة حزب الله في لبنان، والذي يشرف على الشؤون الثقافية والتعليمية والاجتماعية والسياسية للحزب. ويرى المحلل السياسي حسن سوالمة أن استهداف إسرائيل لمقار المجلس التنفيذي للحزب، غداة استهداف مؤسسته المالية والعسكرية، يختزل التوجه الإسرائيلي لعدم الاكتفاء بإضعاف الحزب عسكريًا ودفعه لما وراء الليطاني.
ولطالما وجه خبراء داخل وخارج لبنان انتقادات للمجلس التنفيذي للحزب، باعتباره العقل المدبر لما يوصف بعملية اختراق الدولة اللبنانية من الداخل وتطويعها لتتواءم مع توجهات الحزب، الذي طالما دفع باتجاه إبعاد لبنان عن المحور الخليجي والغربي مقابل الدعوة للتقارب مع ايران وروسيا.
ويرى سوالمة أنه رغم الدمار الكبير والخسائر الاقتصادية القاسية التي ستواجهها الدولة اللبنانية نتيجة انعكاسات الحرب، إلا أنها أقرب ما تكون منذ العام 1990 لاستعادة سلطتها الكاملة على البلاد بعيدًا عن منطق المحاصصة السياسية والطائفية.
ويضيف أن لبنان اليوم سيكون أمام تحديات كبيرة وأزمات عميقة قد تتفاقم مع عودة الطائفية والانقسام السياسي، ما يستدعي حوارًا وطنيًا حقيقيًا ودعماً دوليًا وإقليميًا ثابتًا لمنع سيناريوهات الانهيار.
ويمكن القول بشكل جازم أن لبنانًا جديدًا ينشأ على أنقاض آخر قديم، يريده شعبه مستقلاً ووطنياً وبخدمات لائقة بعيدًا عن معارك المحاور وحروب الوكالة وتواطؤ السياسيين مع لوبيات الفساد.