يتواصل الجدل في الأوساط التعليمية بالقدس الشرقية مع تقدّم مشروع قانون في الكنيست الإسرائيلي، يهدف إلى تقييد توظيف خريجي الجامعات التابعة للسلطة الفلسطينية في جهاز التربية والتعليم الاسرائيلي لاسيما في القدس.

وبحسب ما أُعلن، فإن مشروع القانون الذي اجتاز القراءة الأولى سيمنع الاعتراف بالشهادات الأكاديمية الصادرة عن الجامعات الفلسطينية، ما قد يخلق صعوبات كبيرة أمام الطلبة المقدسيين الذين بدأوا بالفعل دراستهم في مؤسسات تعليم عالٍ تابعة للسلطة الفلسطينية، خصوصًا إذا كانوا يخططون للعمل في مدارس القدس.

ووفق نص المشروع، سيُطلب من الراغبين في الالتحاق بالعمل في جهاز التعليم الإسرائيلي الحصول على "شهادة معادلة" من مؤسسة أكاديمية إسرائيلية، إضافة إلى إتمام برامج تدريبية معتمدة. كما يمنح القانون المدير العام لوزارة التربية والتعليم صلاحية رفض طلبات التوظيف أو سحب رخص التدريس.

ويشير مراقبون إلى أنه ومع تمرير القانون بالقراءتين الثانية والثالثة يجد خريجو ومنتسبو الجامعات الفلسطينية أنفسهم في وضع أكثر تعقيدًا، ما قد يدفع العديد من الطلاب إلى إعادة التفكير في مساراتهم التعليمية، إما بالتوجه نحو الجامعات الإسرائيلية أو الاضطرار إلى تغيير مجالات عملهم.

وبحسب معطيات رسمية، فإن نحو 60% من المعلمين العاملين حاليًا في القدس الشرقية هم من خريجي الجامعات الفلسطينية، الأمر الذي يبرز حجم التأثير المحتمل لأي قيود جديدة.

ووفق لمعطيات مركز الأبحاث والمعلومات في الكنيست فإنه من بين 30 ألفا و339 معلما ومعلمة التحقوا بجهاز التربية والتعليم العربي خلال العقد الماضي، 11% منهم حصلوا على شهادة أكاديمية من السلطة الفلسطينية.

من جانبها، تحذر جهات تربوية وحقوقية من أن مشروع القانون يشكل امتدادًا لسياسات تستهدف تقليص حضور المناهج الفلسطينية في مدارس القدس، خاصة بعد إغلاق ست مدارس تابعة لوكالة "أونروا" في وقت سابق من هذا العام.

وترى ديمة السمان، المديرة السابقة لوحدة شؤون القدس في وزارة التربية الفلسطينية، أن إقرار المشروع بصيغته الحالية "سيجبر مئات الطلبة المقدسيين على التوجه إلى الجامعات الإسرائيلية، ما يضعف مكانة الجامعات الفلسطينية ويؤثر على اقتصاد التعليم العالي في الضفة الغربية".

ويؤكد مراقبون أن النقاش حول هذا القانون لا يقتصر على مسألة التوظيف فقط، بل يعكس صراعًا أوسع على هوية التعليم في القدس، بين سياسات تسعى إلى فرض مناهج إسرائيلية وبين جهود الأهالي والمؤسسات للحفاظ على خصوصية التعليم الفلسطيني.