أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أهمية تحقيق الاستفادة العادلة والمنصفة من الموارد المائية المشتركة في إفريقيا، مشدداً على أن مصر لا تسعى إلى أي صدام مع إثيوبيا، وأن مطلبها يقتصر على حماية حقوقها المائية والتوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة.
وقال السيسي، وفق بيان صادر عن الرئاسة المصرية، إن سياسة القاهرة تقوم على عدم التدخل في شؤون الدول واحترام استقرارها، موضحاً أن مصر، رغم الخلاف القائم مع إثيوبيا حول ملف السد، لم توجه أي تهديد، انطلاقاً من قناعتها بأن النزاعات يجب أن تُحل عبر الحوار والمسارات السياسية.
ويُعد ملف السد الإثيوبي من أكثر القضايا الجيوسياسية تعقيداً في حوض النيل، إذ أثار منذ انطلاق المشروع عام 2011 مخاوف متزايدة لدى مصر والسودان تتعلق بالأمن المائي. وتتمسك القاهرة بما تصفه بالحقوق التاريخية في مياه النيل، المستندة إلى اتفاقات موقعة منذ عام 1929، ثم اتفاق 1959 مع الخرطوم، الذي حدد حصة مصر بنحو ثلثي تدفق النهر السنوي، مقابل حصة أقل للسودان.
وجاءت تصريحات الرئيس المصري خلال استقباله رؤساء الوفود الإفريقية وممثلي مفوضية الاتحاد الإفريقي والتجمعات الإقليمية المشاركين في أعمال المؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة “روسيا – إفريقيا”، الذي تستضيفه القاهرة.
وخلال كلمته، عرض السيسي الرؤية المصرية للتنمية في القارة الإفريقية، موضحاً أنها تقوم على خمسة محاور رئيسية تشمل دعم تنفيذ الممرات الاستراتيجية والمناطق اللوجستية، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة والربط الكهربائي، ودعم التنمية الزراعية وتحقيق الأمن الغذائي، إلى جانب تعزيز التجارة البينية الإفريقية، وتوسيع التعاون في مجالات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي.
وأشار الرئيس المصري إلى أن بلاده تعمل على توظيف مختلف أدوات التعاون المتاحة لتحقيق هذه الرؤية، من بينها تشجيع الشركات المصرية على توسيع استثماراتها في الدول الإفريقية، وإطلاق آليات لضمان الصادرات والاستثمارات. ولفت إلى أن إجمالي الاستثمارات المصرية في القارة تجاوز 12 مليار دولار، فيما تخطى حجم التبادل التجاري مع الدول الإفريقية 10 مليارات دولار.
وفي ما يتعلق بالموارد المائية، شدد السيسي على رفض أي إجراءات أحادية من شأنها الإضرار بحقوق الدول المتشاطئة أو تقويض فرص التعاون المشترك، مؤكداً أن مصر حرصت على مدار عقود على العمل مع دول حوض النيل لتحقيق الاستفادة العادلة من الموارد المائية وفقاً لقواعد القانون الدولي، سواء عبر مشروعات مشتركة أو مبادرات تنموية.
كما تطرق الرئيس المصري إلى أمن الملاحة في البحر الأحمر واستقرار منطقة القرن الإفريقي، معتبراً أن الأمرين يشكلان ركيزة أساسية للأمن الإقليمي والدولي. وأعلن عزم مصر المشاركة في بعثة الاتحاد الإفريقي الجديدة في الصومال، إلى جانب بذل جهود لتأمين التمويل اللازم لها.
وأكد السيسي التزام بلاده بدعم مؤسسات الاتحاد الإفريقي وتعزيز دورها، والدفاع عن المواقف الإفريقية في المحافل الدولية، بما في ذلك الدعوة إلى إصلاح مجلس الأمن الدولي وهياكل التمويل العالمية، بما يحقق تمثيلاً أكثر عدالة للقارة.


