حذّرت رئيسة الوزراء الدنماركية مته فريدريكسن، الثلاثاء، من أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي عبّر سابقاً عن رغبته في شراء جزيرة جرينلاند، قد يكون "نسي" الأمر مؤقتاً، لكنه "سيعود إليه في وقت لاحق"، في إشارة إلى أن الطموحات الأميركية في الجزيرة الغنية بالمعادن لم تنتهِ بعد.
وخلال كلمتها في افتتاح البرلمان الدنماركي في كوبنهاغن، قالت فريدريكسن:
"الآن يبدو الأمر بعيداً، وقد يظن البعض أن بإمكاننا التنفس الصعداء، لكني أعتقد أننا لا نستطيع ذلك".
وأضافت أن سكان جرينلاند البالغ عددهم 60 ألف نسمة يعيشون في قلق دائم من احتمال تحرك أميركي جديد لضم الجزيرة، قائلة:
"تخيل أن تعيش في مستوطنة صغيرة على الساحل، بينما تتحدث أقوى دولة في العالم عنك وكأنك شيء يمكن شراؤه أو امتلاكه".
مشروع استحواذ قديم يعود إلى الواجهة
وكان ترامب قد أثار عاصفة دبلوماسية عام 2019 عندما أعلن نيته شراء جرينلاند من الدنمارك، مبرراً ذلك بموقعها الاستراتيجي وثرواتها الهائلة من المعادن النادرة، التي تُعد من أكثر الموارد تنافساً في العالم، لاسيما في ظل التوتر المتزايد بين واشنطن وبكين حول سلاسل الإمداد العالمية.
وتشير بيانات هيئة المسح الجيولوجي الأميركية إلى أن الجزيرة تحتوي على نحو 1.5 مليون طن من العناصر الأرضية النادرة، إلى جانب احتياطات من الذهب والنحاس، ما يجعلها ثامن أكبر مخزون في العالم.
ورغم غياب التصريحات الأميركية العلنية حول الملف في الأشهر الأخيرة، إلا أن فريدريكسن شددت على أن "السكوت لا يعني الأمان"، مؤكدة أن بلادها "لن تسمح بأي تهديد أو ابتزاز يدفعها لاتخاذ قرار يتنافى مع مبادئها أو إرادة سكان جرينلاند".
تحرك نحو تحالف أوروبي
في مواجهة الضغوط الأميركية، اتجهت جرينلاند إلى تعزيز علاقاتها مع الاتحاد الأوروبي وشركاء آخرين، حيث تعمل على توقيع اتفاقيات جديدة في مجال المعادن الحيوية مع المملكة المتحدة ودول أوروبية أخرى.
وقالت وزيرة الخارجية الجرينلاندية فيفيان موتسفيلدت في تصريح سابق لمجلة بوليتيكو إن الجزيرة تسعى إلى "شراكات مع دول ذات تفكير مشابه"، منتقدة "التهديدات الاقتصادية والعسكرية" الصادرة من إدارة ترامب.
كما من المقرر أن يلقي رئيس وزراء جرينلاند، ينس فريدريك نيلسن، خطابًا أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ، الأربعاء، في خطوة رمزية تهدف إلى ترسيخ موقع الجزيرة داخل الإطار الأوروبي وتأكيد استقلالية قرارها السياسي.
مخاوف أوروبية من أزمة عابرة للأطلسي
ويحذر مسؤولون أوروبيون من أن أي تحرك أميركي أحادي للاستحواذ على جرينلاند قد يهدد التحالف عبر الأطلسي بأكمله. وقال وزير الخارجية الدنماركي السابق مارتن ليديجورد إن "أي محاولة من هذا النوع ستكون عملاً متطرفاً يتناقض مع تاريخنا المشترك"، مضيفاً أن ذلك "سيُلحق ضرراً بالغاً بالعلاقات الأميركية الأوروبية".
ورغم نفي واشنطن نيتها الحالية لضم الجزيرة، إلا أن تصريحات فريدريكسن أعادت الملف القطبي إلى دائرة الضوء، في وقت تشهد فيه المنطقة تنافساً متزايداً بين الولايات المتحدة وروسيا والصين على النفوذ في القطب الشمالي، الذي يُنظر إليه على أنه المسرح الجيوسياسي القادم للموارد والطاقة والممرات التجارية.