شهدت الساحة السياسية الفلسطينية هذا العام تحديات كبرى فرضها الواقع الدولي والإقليمي المتغير لاسيما بعد تنصيب ادارة جديدة في واشنطن برئاسة جو بايدن الداعم لحل الدولتين.

وواصلت السلطة الفلسطينية في رام الله برئاسة أبو مازن عملها على تقدير موقف سليم يخدم المصلحة الفلسطينيّة بشكل أولي ويعيد طرح الملف الفلسطيني كأولوية في أروقة الأمم المتحدة بعد سنوات من التسويف والمماطلة.

على المستوى السياسي لازال الرئيس أبو مازن الشخصية الفلسطينية الأبرز محليا باعتباره شخصية جامعة تحظى باعتراف دولي واحترام داخل الأوساط الفلسطينية لاسيما في ظل إصراره على ضرورة انهاء الانقسام وتوحيد الصف الفلسطيني رغم التحديات التي يفرضها رفض حماس الاحتكام للشرعية الدولية.

ويبدو أن الدعم الكبير الذي تلقاه رام الله من جيرانها وبخاصة من القيادة في مصر والأردن الى جانب الموقف الأمريكي الإيجابي بعد رحيل ترامب والذي بدا جليا مع قرار إدارة بايدن إعادة فتح قنصليتها في القدس الشرقية المحتلة قد دفع الرئيس عباس الى توجيه تعليماته لحكومة د.محمد أشتية لتركيز العمل على بناء منوال تنموي حقيقي ومواصلة دعم الاقتصاد الوطني كخطوة أولى تسبق اعلان الدولة الفلسطينية المنتظرة .

وهنا بدأ الملفّ الاقتصاديّ يستعيد زخمه في السنوات الأخيرة دون سكوت الرئيس الفلسطيني عن مقتضيات القضيّة الفلسطينيّة، حيث طرح هذا الأخير القضيّة على جدول الأعمال الدولي عبر تحركاته الديبلوماسية المكثفة وأخراها زيارته الى روسيا والجزائر وتونس.

 

 والى جانب التحديات الاعتيادية تجد السلطة الفلسطينية نفسها أمام معارك اقتصاديّة مضاعفة لتعويض الخسائر الكبرى التي تتسبب فيها المواجهات المتكررة بين حماس والاحتلال الى جانب سعي عدد من الأطراف لضرب أمن واستقرار الضفة.

وفي ظلّ هذا الوضع المعقّد، يبدو الشعب الفلسطيني أكثر بساطة في تقديره للأمور، فمع كلّ موجة تصعيد جديدة، يعبّر الفلسطينيّون عن دعمهم اللامشروط للمقاومة ويتمسّكون بالقضيّة التي يؤمنون بها، دون الدّفع في اتجاه التضحية بالمكتسبات التي تمكّنت السلطة الفلسطينيّة من مراكمتها على مدى سنوات، وعلى رأسها المنجزات الاقتصاديّة.

 وتُساند الأجهزة الأمنية الفلسطينيّة هذا الخيار الوطنيّ القائم على المقاومة الشعبية السلمية بهدف حفظ الأمن والاستقرار في الضفة الغربيّة فالمقاومة الشعبية السلمية ليست مفهوما سلبيا كما يروج لذلك البعض، فمعطيات الواقع هي ما تحدد شكل المقاومة المطلوب تبنيها من منظمة التحرير الفلسطينية.

فيما تعمل البعثات الدبلوماسيّة لرام الله في الخارج للتسويق للضفة الغربيّة كمنطقة آمنة ومشجّعة للاستثمار، وهو ما سيساهم بشكل مباشر في تدفّق أموال الاستثمارات الخارجية الى الخزينة الفلسطينيّة ما يجعل الاستقرار السياسيّ والأمني من أهمّ مقوّمات الاستقرار الاقتصاديّ .