يقود الرئيس المصري عبد الفتاح السّيسي منذ سنواتٍ، إصلاحاتٍ اقتصاديةً، على مستوى استصلاح الأراضي الزراعية، ومنظومة دعم السّلع التموينية، بهدف تحقيق التنمية المستدامة.

 وتباينت آراء خبراء الاقتصاد المصريين، حول هذه الإصلاحات الاقتصادية، فمنهم من يعتبر أنها ضاعفت ديون مصر، وكانت سببًا في مزيد إفقار المصريين، بينما يؤكد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، أنّ بلاده قطعت شوطًا كبيرًا في برنامج الإصلاح الاقتصادي، وذلك بعد نيْله إشادة من مؤسسات اقتصاديةٍ عالميةٍ.

وأضاف مدبولي، أنّ الاقتصاد المصري "كان يواجه منذ 3 سنوات سوقًا موازيةً للعملة الأجنبية، وتضاؤلًا في الاحتياطي النقدي، وعجزًا في ميزان المدفوعات، وأنّ مصر في 2016، تنفذ برنامج إصلاحٍ اقتصاديٍّ بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، شمل تعويم الجنيه، ورفع الدعم عن العديد من السلع الإستراتيجية، وفرض ضرائب وزيادة أخرى".

وأوضح أنّ "البنك المركزي والحكومة، نفّذا برنامجًا متكاملًا للإصلاح الاقتصادي، عبر تنفيذ سياساتٍ ماليةٍ ونقديةٍ احترافيةٍ، وإجراء إصلاحاتٍ هيكليةٍ".

وقال خبير الأراضي، المصري، علي إسماعيل، أستاذ إدارة الأراضي والمياه في مركز البحوث الزراعية، لصحيفة "المصري اليوم" إنّ الدّعم الرئاسي لتطوير الزراعة المصرية، انعكس علي تحقيق عددٍ من الإنجازات لهذا القطاع الحيوي، فضلًا عن دور السّيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، في متابعة تنفيذ تكليفات الرئيس السيسي علي أرض الواقع، موضّحًا أنّ ملف الزّراعة قد أصبح من أهم الملفات التي توليها الدولة أهميةً ضمن الملفات الأساسية التي تُعدّ من الأولويات، منذ تولّي الرئيس السيسي، شؤون الدولة المصرية.


إستراتيجيا الأمن الغذائي والأمن القومي

 

أكد السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، أنه منذ تولّي الرئيس عبد الفتاح السيسي، المسئولية وإنجازات الدولة المصرية، لم تتوقف في قطاع الزراعة، لأنه يعدّ قطاعًا إستراتيجيًا يتعلّق بالأمن الغذائي والأمن القومي، وتزايدت أهميته على المستوى المحلّي والدولي، إثر جائحة كورونا، نظرًا لدوره في توفير الاحتياجات الأساسية للشعوب، وأيضًا لأنه يُسهم في توطين التنمية، ولديه القدرة على تحقيق تنميةٍ متوازنةٍ واحتوائيةٍ.

وأضاف القصير، في بيانٍ نشر في العاشر من يونيو الماضي، أنّ السنوات السبع الماضية، شهدت مصر إنجازاتٍ زراعيةً غير مسبوقةٍ، شملت تنفيذ حوالي 320 مشروعًا، تكلّفت أكثر من 40 مليار جنيه (2.5 مليار دولار)، إلى جانب مئات المليارات التي تمّ إنفاقها على البنية الأساسية، ويأتي على رأس الانجازات مشروع الدلتا العملاق الذي أطلقه السيسي بهدف تنمية 2،2 مليون فدان، والذي يمثل 30% من الدلتا القديمة، ويعتبر نقلةً كبيرةً للجمهورية الجديدة، حيث أنّ المساحة المستهدف زراعتها منه، مليون فدان بتكلفة حوالي 300 مليار جنية وباقي المساحة مشروعات متكاملة.

وأكدت الأهرام المصرية، أنّ ثورة 30 يونيو أنصفت الفلاح المصري واحتضنته بعد أن خذلته حكوماتٌ متعاقبةٌ في أزمنةٍ كثيرةٍ على مرّ التاريخ حتى جاء عهد الإخوان، وزاد تهميش الفلاح المصري وأصبح غريبًا في أرضه، وأنقذته الثورة وأعادته مرة أخرى إلى صدر المشهد الاقتصادي والسياسي في البلاد، فأصدرت من أجله القرارات والقوانين التي تعينه على الزراعة وتزيد من دخله.

وأطلق الرئيس السيسي المبادرات الرئاسية لدعمه وإرضاء الفلاح المصري، فأنشأت الدولة المشروعات الزراعية العملاقة، لتسهم بقوةٍ في دعم وتنمية الاقتصاد المصري، وتحقق التنمية المستدامة بخلق نماذج ناجحةٍ من الريف المصري الحديث، تزيد الرقعة الزراعية بنسبة 20 % وتحقق لمصر الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الإستراتيجية، في ظلّ توقف أسواق تصدير الأقماح العالمية، إلى جانب تشييد مجتمعات زراعية وسكنية مجهّزة بكافة أشكال البنية التحية من طرق وخدمات تعليمية وطبية، لتشجيع الفلاح على التوسع في إنتاج المحاصيل الإستراتيجية والخضر والفاكهة وجذب رؤوس الأموال لتنمية الاستثمار بالقطاع الزراعي.


منظومة الدعم بين الإصلاح والتفقير


في تقريرٍ نشره المركز العربي للبحوث والدراسات، أنه في إطار سعي الدولة المصرية نحو الإصلاح، وضعت الحكومة خطة لإصلاح منظومة الدعم، وخاصةً دعم السلع التموينية، تقوم على عدة ركائز، من أهمها إصلاح الدور الرقابي، والعمل على توفير مخزون إستراتيجي للسّلع المدعمة، وتنقية قاعدة بيانات المستحقّين للدّعم لمنع غير المستحقين من التمتع بمزايا الدعم.

وقد أثبتت الحكومة المصرية نجاح خطتها في مواجهتها لجائحة كورونا، حيث مثلت سياسات إصلاح الدعم حائط الصدّ ضد آثار جائحة كورونا المدمّرة. فمن ضمن السياسات الإصلاحية التي اتخذتها الدولة نحو إصلاح منظومة دعم السلع التموينية إصلاح الدور الرقابي لضبط سير العمل في الأسواق ومنافذ البيع، والحفاظ على الاستقرار النسبيّ لدعم السلع التموينية قدر الإمكان من خلال التأكد من توافر مخزونٍ إستراتيجيٍّ من السّلع المدّعمة بشكلٍ مستمرٍّ.

وأضاف الباحث أحمد موسى مختار، في تقريره، أنه "على الرغم من نجاح الدولة في الحدّ من آثار كورونا على دعم السلع التموينية، إلا أنّ هناك عددٍ من الاختلالات التي يجب القضاء عليها عن طريق، تطبيق سياسة الدعم السلعي بدلًا من الدعم النقدي المشروط، ورفع مستوى الثقافة الاستهلاكية للمواطنين من خلال حملات التوعية، وتوسيع دور الأجهزة الرقابية لتحسين كفاءة سياسات تنقية المستحقين للدعم، وتأهيل العاملين والمواطنين وتوعيتهم بمختلف الوسائل التي تقلّل من الروتين الحكومي قبل تطبيقها من جانب الحكومة".


اختلالات في منظومة الدعم


يقول ذات التقرير، إنه: "منذ بداية عهدٍ جديدٍ نحو التنمية عام 2014، وقد اتخذت الدولة المصرية عدة خطوات جادة للتغيير، منها إعداد خطةٍ إستراتيجيةٍ لإصلاح منظومة الدعم، وخاصة دعم السلع التموينية، حيث بدأت عام 2016 بتنفيذ خطة إصلاح ترتكز على عدة أسس، منها، الاعتماد على تكنولوجيا المعلومات في إصلاح منظومة الدعم، وإعداد قاعدة بياناتٍ متكاملةٍ لا تضمّ سوى المستحقين للدعم، وتخصيص جزءٍ من الموازنة العامة للدولة لتوفير السّلع المدعّمة، وزيادةٍ تدريجيةٍ لنصيب الفرد من منظومة الدعم ليصل إلى نصيبٍ كافٍ ليفيَ باحتياجاته اليومية، وتشديد الرقابة والمتابعة الدورية للتأكد من عدم إدراج شخصٍ غير مستحقٍّ لقاعدة بيانات المستحقين للدعم والتأكد من عدم التلاعب بكميات السلع المدعمة أو أسعارها".

ومن خلال البيانات التي نشرتها وزارة الزراعة، تبرز عديد الاختلالات التي تعوق تطوير منظومة دعم السلع التموينية، منها، اقتصار دور الأجهزة الرقابية على ضبط منظومة الدعم في الأسواق ومنافذ البيع من خلال المحافظة على ثبات السعر والكمية التي تحددها وزارة التموين للسلع المدعمة ومنع التلاعب بهما، وتوقّف إضافة المواليد للبطاقات التموينية، إلى جانب مشروع سياسة التحول إلى الدعم النقدي المشروط.