في ظل الزخم الدولي المنصبّ على تذليل العراقيل أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف الحرب في غزة، تشهد الضفة الغربية منذ أسابيع موجة غير مسبوقة من المداهمات وعمليات الإخلاء التي نفذها الجيش الإسرائيلي.

وتمرّ الذكرى الثامنة والثلاثون لتأسيس حركة حماس هذا العام في ظل واقع استثنائي لا يقتصر أثره على قطاع غزة، بل يمتد بقوة إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية، حيث يواجه الفلسطينيون تداعيات متراكمة للحرب المستمرة منذ أكثر من عام، على المستويين الأمني والاقتصادي.

ويعبّر كثير من الفلسطينيين في الضفة الغربية عن تساؤلات متزايدة بشأن كلفة الحرب وتأثيرها المباشر على حياتهم اليومية، في ظل تصعيد ميداني متواصل شمل عمليات عسكرية برية وجوية، واقتحامات متكررة، وقيودًا مشددة على الحركة في معظم المدن والبلدات.

وخلال الأشهر الماضية، شهدت الضفة الغربية تدهورًا أمنيًا غير مسبوق، رافقته حملات اعتقال واسعة، وإغلاقات للطرق، وعمليات هدم وإخلاء، أدت إلى نزوح أعداد متزايدة من السكان، في مشهد أعاد إلى الواجهة وقائع لم تعرفها الضفة بهذا الاتساع منذ عمليات التهجير عام 1967.

كما انعكست الحرب بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية، حيث تشير بيانات فلسطينية رسمية إلى ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات قياسية، بعد فقدان مئات الآلاف من فرص العمل، خاصة مع القيود المفروضة على العمال الفلسطينيين، وتراجع النشاط التجاري، وإغلاق عدد كبير من المنشآت الاقتصادية بشكل كامل أو جزئي.

وأدى هذا الواقع إلى تفاقم الأوضاع المعيشية لعشرات الآلاف من العائلات، في ظل انخفاض القدرة الشرائية، وتراجع الدخل، واتساع رقعة الفقر، ما جعل المطالب بإنهاء الحرب واستعادة الحد الأدنى من الاستقرار تتصدر أولويات السكان.

وفي هذا السياق، تظهر استطلاعات رأي حديثة تراجعًا في مستوى الدعم الشعبي لحركة حماس في الضفة الغربية مقارنة بالمراحل الأولى من الحرب، بعد أن ارتفع التأييد بشكل ملحوظ في بداياتها، قبل أن تتضح تداعياتها الأمنية والاقتصادية على حياة الفلسطينيين.

ويربط محللون هذا التراجع بشعور متنامٍ لدى قطاعات من الشارع بأن كلفة الحرب فاقت أي مكاسب ملموسة، وأن استمرارها أدى إلى تعميق الأزمات دون أفق سياسي واضح يخفف من تداعياتها.

وسط هذه الأجواء، تتجه أنظار الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى احتواء التصعيد والتوتر في المنطقة ككل، على أمل أن تفتح مرحلة جديدة تسمح بإعادة بناء ما تضرر، واستعادة جزء من الحياة الطبيعية بعد عام وُصف بأنه من بين الأكثر قسوة على الفلسطينيين في الضفة والقطاع.