يحاول علماء النفس منذ عقود فهم لغة الأحلام ورموزها، لكن هذا العالم ما زال يحتفظ بأسراره. ورغم أن بعض الباحثين تخلوا عن تفسير الأحلام، فإن آخرين واصلوا محاولاتهم، ومن أبرزهم عالم النفس البريطاني إيان والاس الذي فسّر أكثر من 150 ألف حلم خلال ثلاثين عامًا من عمله، بحسب موقع بيزنس إنسايدر.

وفقًا لوالاس، هناك تسعة أحلام شائعة بين البشر، من بينها أحلام السقوط والطيران وفقدان الأسنان والاختبارات، إلا أن أكثرها تكرارًا وإزعاجًا هو حلم المطاردة، الذي يجعل الحالم يستيقظ فزعًا وكأنه نجا من خطر حقيقي.

ما هو تفسير حلم المطاردة؟
تشير دراسات علمية إلى أن 90% من الناس اختبروا حلم المطاردة مرة واحدة على الأقل في حياتهم. ويؤكد علماء النفس أن هذا الحلم لا يدل على وجود خطر حقيقي، بل يعكس توترًا داخليًا أو محاولة للهروب من مواجهة أمرٍ مقلق في الحياة الواقعية.

يقول عالم النفس كارل يونغ إن الشخص الذي يطاردنا في الحلم يمثل ما يُعرف بـ"الظل"، وهو الجانب المكبوت أو المرفوض من شخصيتنا الذي نحتاج للاعتراف به والتصالح معه. بينما ترى المحللة النفسية لوري لوينبيرغ أن هذا الحلم هو رسالة من العقل الباطن تدعونا إلى مواجهة ما نتجاهله أو نهرب منه في حياتنا اليومية.

العلاقة بين حلم المطاردة والضغوط اليومية
توضح دراسات أجريت عامي 2003 و2019 أن 65% من الأحلام ترتبط بأحداث يومية يعيشها الإنسان. ما نراه في الأخبار، أو نتابعه من أفلام ومسلسلات، أو حتى نقاشاتنا اليومية يمكن أن يظهر في أحلامنا على شكل مطاردات أو مواقف خطيرة.
لذلك فإن حلم المطاردة لا يعني بالضرورة وجود أزمة نفسية عميقة، بل قد يكون مجرد انعكاس للضغوط والتوترات التي يمر بها الشخص خلال يومه.

كيف تتعامل مع حلم المطاردة؟
التعامل مع هذا النوع من الأحلام يبدأ بفهم معناه. حاول أن تسأل نفسك:
هل أشعر أنني مطارد في حياتي الواقعية؟
هل هناك مشكلة أو شخص أحاول تجنبه؟
هل أعاني من قلق أو خوف من الفشل؟

الإجابات الصادقة على هذه الأسئلة تساعد في تحديد مصدر القلق الحقيقي. كما ينصح الخبراء باتباع روتين مهدئ قبل النوم، مثل الابتعاد عن الشاشات، وتجنب الوجبات الثقيلة أو الأنشطة المرهقة، وممارسة التأمل أو التنفس العميق.

إذا كانت أحلام المطاردة تتكرر بشكل يسبب القلق أو الأرق، فمن الأفضل استشارة مختص نفسي، إذ يمكن للعلاج السلوكي أو جلسات إدارة التوتر أن تساعد على تحسين جودة النوم والتقليل من الكوابيس.

يمكن القول نهاية أن حلم المطاردة ليس مجرد كابوس عابر، بل هو مرآة لمشاعرنا الخفية وصراعاتنا الداخلية. إنه تذكير بأن الحل ليس في الهروب، بل في مواجهة ما نخافه. عندما نواجه ما يطاردنا في الحلم، نبدأ بتحرير أنفسنا في الواقع أيضًا.