أعلن رئيس مجلس المفوضية العليا للانتخابات الليبية، عماد السّايح، في مؤتمرٍ صحفيٍّ، الثلاثاء، عن غلق باب الترشحات للانتخابات الرئاسية، أمس الاثنين، الثاني والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وتسلّم المفوّضية 98 طلب ترشّحٍ لرئاسة ليبيا، استوفت الإجراءات المطلوبة، وأحيلت جميع الملفّات إلى "جهات الاختصاص، النائب العام والمباحث الجنائية ومصلحة الجوازات والجنسية للتأكد من مطابقتها للقانون رقم "1" الخاص بانتخاب رئيس الدولة"، تنفيذًا لطلب النائب العام الليبي.

98 مترشّحًا قدّموا ملفاتهم، في انتظار موعد الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول المقبل، في انتظار البتّ النهائي من طرف النائب العام الليبيّ، الذي كان طلب من المفوضية العليا للانتخابات إيقاف مسار ترشّح خليفة حفتر، وسيف الإسلام القذافي، في انتظار وقوفهما أمام القضاء للنظر في اتّهامهما بارتكاب جرائم.

ويصرّ المجتمع الدولي على إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، برغم الإشكاليات القائمة على الساحة الليبية، أملًا في إشاعة الأمن والاستقرار في ليبيا بعد عشريّةٍ دمويّةٍ، لم تجلب غير استباحة الأراضي الليبية من طرف قواتٍ أجنبيةٍ، فضلًا عن آلاف المرتزقة.  

وفي انتظار البتّ النهائي في ملفات المترشحين للانتخابات الرئاسية، من هم أبرز المترشحين؟، ومن هو الأقرب لنيل ثقة اللّيبيين في رئاسة ليبيا؟.

98 مترشّحًا بينهم امرأتان

أغلق باب الترشحات لرئاسة ليبيا، الاثنين الماضي، بتقديم 98 ملفًا ترشيحيًا لانتخابات الرابع والعشرين من ديسمبر القادم، يرى متابعون للشأن الليبي أنّ سيف الإسلام القذافي، وخليفة حفتر، وعبد الحميد الدبيبة، وفتحي باشاغا، وعقيلة صالح، الأقرب لفوز أحدهم بالانتخابات الرئاسية.

وحول العدد الكبير للمترشّحين، اعتبر رئيس المفوضية العليا للانتخابات الليبية أنّ الإقبال الكبير على الترشح لرئاسة ليبيا، تؤكد رغبة اللّيبيين في التواجد في هذا الحدث التاريخي الذي ستشهده ليبيا بعد نحو شهرٍ، والذي لم يسبق أن عاشه الشعب الليبي.

وسينتظر اللّيبيون أسبوعيْن آخريْن، على الأقل، بعد النّظر في الطّعون، لإصدار القوائم النهائية بأسماء المترشّحين للانتخابات الرئاسية، الذين سيدخلون في فترة الحملة الانتخابية، للتعريف بمشاريعهم المستقبلية، ورؤيتهم لليبيا مع بعد الانتخابات.  

أبرز المترشّحين لرئاسة ليبيا

 

وقبل يومٍ من غلق باب الترشحات، انضمّ رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة، إلى قائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية، بالرغم من أنه ما يزال على رأس عمله، فيما تؤكد المادة "12" من قانون الانتخابات الرئاسية، الذي يبقى محلّ جدلٍ، أنّ المترشح يجب أن يتوقف عن شغل المنصب الرسميّ قبل موعد الانتخابات بثلاثة أشهر، على الأقل.

ويرى محلّلون سياسيون أنّه سيتمّ رفض ترشح كلٍّ من خليفة حفتر، وسيف الإسلام القذافي، بسبب اتّهامهما بارتكاب جرائم حرب، من طرف المدّعي العام العسكري، إلى جانب عبد الحميد الدبيبة، بسبب عدم استقالته من منصبه الرسمي كرئيس للحكومة الليبية، قبل ثلاثة أشهرٍ من موعد إجراء الانتخابات، المقرر في الرابع والعشرين من ديسمبر/كانون الأول المقبل.

رئيس مجلس النواب عقيلة صالح

في العشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، قدّم رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح (77 عامًا)، ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية الليبية. وهو ينحدر من مدينة القبة شرق بنغازي، ويقود إلى قبيلة العبيدات، إحدى أكبر قبائل الشرق الليبي.

وتخرّج عقيلة صالح من جامعة بنغازي في 1970، متخصّصًا في القانون والحقوق، وعمل قاضيًا في مدينة درنة، شرق ليبيا.

وقبل أيامٍ من اندلاع ثورة 17 فبراير في ليبيا، ألقى عقيلة صالح بيانًا تعهّد فيه للراحل القذافي بالوفاء لنظامه، ممثلًا للقيادات الشعبية بالجبل الأخضر.

وترشح عقيلة صالح للانتخابات البرلمانية في 2014، وبعد فوزه انتخب رئيسًا لمجلس النواب، في طبرق.

وانضمّ رئيس البرلمان الليبي إلى معسكر خليفة حفتر، بعد إعلان هذا الأخير "عملية الكرامة" في بنغازي.

وبعد 2017، بدأ عقيلة صالح، يبتعد قليلًا عن خليفة حفتر، برغم تأييده لمحاولة هذا الأخير الهجوم على العاصمة طرابلس، في أبريل 2019، في معركة استغلال مصالحٍ بين الرجليْن، في الشرق الليبي. 

ورغم محاولات الإطاحة به من رئاسة مجلس النواب الليبي في 2020، وحتى فبراير 2021، فإنّ عقيلة صالح ظلّ متماسكًا، بل وماسكًا بسيطرته على قرارات البرلمان الليبي، في طبرق.

رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة

تقدّم رئيس الحكومة الليبية، عبد الحميد الدبيبة (62 عامًا)، بملف ترشحه للانتخابات الرئاسية، وهو رجل أعمال وسياسيّ ليبي، وبعد غيابه لفترةٍ طويلةٍ، عاد إلى الواجهة السياسية في مركز رئيس للحكومة في فبراير الماضي.

الدبيبة، ينحدر من مدينة مصراته، في الغرب الليبي، مهندسٌ متخرّج من جامعةٍ كنديةٍ، وهو من عائلةٍ عملت في نظام القذافي، ولذلك فقد وضعت أمواله تحت السلطة القضائية في 2012، ورغم ذلك بقي يدير أعماله في مصراته.

ولم يعرف له طوال الفترة الماضية أيّ نشاطٍ سياسيٍّ، لكنّ اسمه بدأ يظهر إلى العلن مع إعلان عملية الحوار السياسي الثانية بإشراف الأمم المتحدة في نوفمبر 2020.

وفازت قائمة الدبيبة ضمن المترشحين لانتخابات السلطة التنفيذية، بداية العام الجاري، أمام قائمةٍ رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، وتضمّ فتحي باش آغا.

وطوال الفترة الماضية، قام الدبيبة، بما يشبه الحملة الانتخابية السابقة لأوانها، استعدادًا للانتخابات الرئاسية.

وتصاعدت حدّة الخلاف بين الدبيبة، وكلٍّ من عقيلة صالح، وخليفة حفتر، خاصة بعد إعلان هذا الأخير عدم انصياعه لأيّ سلطةٍ مدنيةٍ. كما أنّ الدبيبة، تعرّض للإهانة عندما حضر إلى مجلس النواب للاستجواب، بسبب "تقصير" حكومته في تسييرها للشأن العام، حيث تمّ رفع الجلسة حال وصوله إلى البرلمان، بسبب ما قيل إنه انتهاء الدوام، وتأجيلها إلى الغد. ومنع حفتر الدبيبة من زيارة بنغازي، أبريل الماضي. 

ومن خلال نشاطٍ كبيرٍ، داخليٍّ، وخارجيٍّ، تمكّن عبد الحميد الدبيبة، من وثوُقٍ دوليٍّ معتبرٍ، خاصةً بعد أن نجح في تنظيم مؤتمرٍ دوليٍّ لاستقرار ليبيا، بمشاركة 27 دولةً ومنظمةً دوليةً.

المشير خليفة حفتر

مثلما كان منتظرًا، قدم المشير خليفة حفتر (78 عامًا) من مدينة أجدابيا، غرب بنغازي، ترشّحه للانتخابات الرئاسية في ليبيا. شارك في انقلابٍ عسكريٍّ قاده العقيد معمر القذافي على الملك إدريس السنوسي، العام 1969.

وقاد حربًا على تشاد، في ثمانينيات القرن الماضي، انتهت بهزيمته حيث تمّ أسره، وبعد تدخّلٍ للسفارة الأمريكية في نجامينا، تمّ إطلاق سراحه، لينتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، العام 1990، ويعيش في مدينة فرجينيا.  

وبرز حفتر في 2011 كأحد الثوار ضد النظام الليبي. وفي 2014، أعلن عن "عملية الكرامة" بهدف السيكرة على عاصمة الشرق الليبي، بنغازي، رافعًا شعار "مكافحة الإرهاب"، في كامل مناطق شرق ليبيا، والهلال النفطي، تزامنًا مع سيطرة "تنظيم داعش" على مدينتيْ سرت ودرنة.

واستطاع حفتر إلى أن يتحوّل إلى رقمٍ صعبٍ في الساحة السياسية الليبية، ولا يمكن تجاوزه في القرارات التي تهمّ مستقبل ليبيا.

وفشل حفتر في هجومه على العاصمة طرابلس في أبريل 2019، لكنه تراجع وأعلن، من القاهرة، في أبريل 2020، مبادرة "الفتح المبين" للسلام في ليبيا.

ويبقى خليفة حفتر مطلوبًا في قضايا تتعلق بـ"بقتل مواطنين في بلدة إسبيعة (جنوب العاصمة طرابلس) من قبل المجموعة المسلحة "فاغنر" الروسية" بحسب بيان المدّعي العام العسكري الليبي، الذي طلب من المفوضية العليا للانتخابات، إيقاف إجراءات ترشحه لانتخابات الرئاسة الليبية.

ويعوّل خليفة حفتر على قبائل في شرق ليبيا، إلى جانب مجموعاتٍ أخرى مسلّحةٍ، لتحقيق حلمه بالوصول إلى حكم ليبيا.

سيف الإسلام القذافي

من بين أبرز المترشحين للانتخابات الرئاسية الليبية، نجل العقيد القذافي، سيف الإسلام (49 عامًا)، وهو الممثل للنظام السابق الذي قامت ضده ثورة 17 فبراير، في الوقت الذي يشعر فيه الشارع الليبي بعدم الاستقرار، خلال العشرية الماضية، وهو حاصل على الدكتوراه في الاقتصاد من كلية لندن للاقتصاد.

وأعلن في 2008 أنه لا يرغب في وراثة حكم ليبيا، وحذّر في 2011، خلال ثورة 17 فبراير من حربٍ أهليةٍ في ليبيا، لكنه اعتقل في نوفمبر 2011 من طرف المجلس الانتقالي، وحكم عليه بالإعدام في 2015، بحكمٍ غيابيٍّ. وطالبت المحكمة الجنائية الدولية محاكمة سيف الإسلام القذافي بتهمة جرائم ضد الإنسانية، لكن الحكومة المؤقتة دعت إلى الإفراج عنه في 2017.

وفي يوليو 2020، ظهر سيف الإسلام من جديد، في مقابلة مع صحيفة "نيويورك تايمز"، معلنًا أنه سيترشح لرئاسة ليبيا.


المترشّح الأبرز لرئاسة ليبيا

 

اعتبر الخبير في الشأن الليبي، غازي معلّى أنّ سيف الإسلام القذافي، وخليفة حفتر، وعبد الحميد الدبية، وعقيلة صالح، وفتحي باش آغا، أوفر المترشحين حظًّا لرئاسة ليبيا.

وقال الخبير التونسي في تصريحٍ إذاعيٍّ، إنّ لسيف الإسلام القذافي وزنه داخل القبائل الليبية التي تحافظ عن ولائها للعقيد معمر القذافي، وهي تتواجد في أغلب المناطق الليبية، بينما يُعدُّ خليفة حفتر المترشح الأبرز في المنطقة الشرقية، أما في المنطقة الغربية، فيبرز كلٌّ من عبد الحميد الدبيبة، وفتحي باش آغا.

واعتبر معلّى، أنّ الترشحات ستكون أوضح، بعد البتّ في الطعون، لأنّ السقوط المنتظر لبعض الأسماء، سيغيّر كل الاحتمالات بانتخابات الرئاسة الليبية.

وأشار غازي معلّى إلى أنّ سيف الإسلام القذافي لن يكون قادرًا على دخول العاصمة طرابلس في حال فوزه بالانتخابات بسبب وجود المليشيات، وهو ما ينطبق على خليفة حفتر، مؤكدًا أنّ "الإشكال ليس في إجراء الانتخابات بل في القبول بنتائجها".

 واعتبر الخبير في الشأن الليبي، أنّ الضغط الأجنبي سيكون محدّدًا في الانتخابات الرئاسية، ومستقبل ليبيا، مشيرًا إلى أنّ سيف الإسلام مستقرٌّ الآن في مدينة الزنتان، ورغم ذلك فهو يتنقل بحريةٍ في الجهات الأخرى، بالرغم من كونه مطلوبًا لمحكمة الجنايات الدولية، وهو بالتالي محميٌّ من طرف قوّةٍ دوليّةٍ، فهو يمثل "ورقة ضغطٍ على الأجندة الليبية".

وأوضح معلّى أنّ عبد الحميد الدبيبة، قد يصعد إلى الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، اعتبارًا للحملة الانتخابية التي بدأها مسبقًا، ونجاحه في تنظيم مؤتمرٍ دوليٍّ لاستقرار ليبيا، في طرابلس، الشهر الماضي.

وأكد أنّ السيناريو الأسلم لإجراء انتخاباتٍ رئاسيةٍ هو "إبعاد الشخصيات الجدلية والقوية على الساحة، سلميًّا"، أما السيناريو الأسوأ، فهو "العودة إلى مربع الحرب الأهلية، التي ستكون أشدّ شراسةً من الأولى"، ولم يستبعد أن تتحوّل إلى "حربٍ إقليميةٍ على الأراضي الليبيّة".